Friday, April 11, 2008

ويسألونك عن الإضراب‏!‏

بقلم‏:‏ عبدالعظيم الباسل


سألتني ابنتي تلميذة الابتدائي‏.'‏ ليه اكدت‏'‏ الميس‏'‏ علي ضرورة حضورنا إلي المدرسة في الأحد القادم‏'‏ يابابا‏'‏؟‏!‏ فاجأني سؤالها ــ الذي تحفظت علي جوابه ــ مساء الخميس الماضي بعد أن أنطلقت دعوة المحرضين للإضراب العام عبر شبكة‏'‏ النت‏'‏ منذ عشرة ايام ولم نتحرك للرد عليها أو تصحيحها حتي أصبحت حديث الشارع و‏'‏دردشة‏'‏ الموظفين في المكاتب وسؤالا حائرا داخل المواصلات العامة وأخيرا أنتقلت إلي صفوف التلاميذ؟ وللأسف شاعت هذه الدعوة علي كل لسان وتحولت إلي‏'‏ شائعة‏'‏ لفت أرجاء البلاد دون أن ننتبه اليها أو نكشف المحرضين عليها بل تعاملنا معها بمنطق التجاهل والصمت‏!!‏ وفجأة‏...‏ قبل الموعد المحدد للإضراب بساعات أنطلقت التحذيرات الأمنية والتصريحات الاعلامية تكشف خطورة الإضراب والمسئولية التي سوف تقع علي المشاركين فيه مع التشديد علي ضرورة حضور المواطنين لمقار عملهم ومواصلة الانتاج بصورة أفضل‏.‏

وأمام ما حدث مع اضراب الاحد الماضي‏'‏ يحضرني سؤال الآن‏...‏ لماذا صمت إعلامنا ــ الحكومي والمستقل والفضائي ــ طوال تلك الفترة عن مواجهة دعوة‏'‏ النت‏'‏ للاضراب إلا في الساعات الأخيرة بعد أن أصاب الشارع المصري بالحيرة والشك؟‏.‏ وكان من نتيجة هذا الصمت الطويل أن شائعات التخريب في يوم الإضراب قد أجبرت بعض المواطنين علي البقاء في منازلهم ومعهم بالطبع ــ ابناؤهم ــ ممازاد من نسبة الغياب في المدارس دون أن توضح وزارة التعليم سبب حرصها علي حضور التلاميذ في ذلك اليوم‏!‏ كان ينبغي أن يبادر اعلامنا ــ بمختلف انواعه ــ بشرح هذه الدعوة وتوضيح خطورتها فور اطلاقها من خلال تعريف المواطنين بحق الإضراب حتي يكون وسيلة مشروعة لنيل الحقوق‏.‏

وكان يجب ــ ايضا ــ التحذير من الخسائر التي سوف نجنيها من وراء الإضراب العشوائي الذي يستغله المحرضون لهز الاستقرار علي غرار ماحدث في المحلة يوم الاحد الماضي ــ حيث أنطلق المخربون من الشارع في محاولة لإثارة عمال الغزل والنسيج الذين كشفوا‏'‏ اللعبة‏'‏ وأحجموا عن الخروج من مصانعهم بعد أن خسرت مدينة المحلة مدرستين وبعض المنشآت العامة التي تم تدميرها بيد المخربين‏!‏

وكان من الواجب كذلك التوعية بان أزماتنا في الاسعار ــ والخبز وضيق فرص العمل لاتحتاج إلي إضرابات بقدر ماتحتاج إلي عمل جاد وجهد جماعي لعبور هذه الازمات خاصة بعد حرص القيادة السياسية علي ضرورة حلها ووضع برنامج زمني يحدد فترة العلاج‏.‏

كنت أتمني من القوي السياسية بتياراتها المتنوعة ــ مسموحة ومحظورة ــ أن يصحو ضميرها بادانة هذا الإضراب بدلا من تشجيعه في البداية والتراجع عن تأييده في اللحظات الأخيرة مع تصميمها علي المطالبة بكشف حيتان الاسواق وفضح تجار الاحتكار وتنظيم حملات المقاطعة للغلاء بدلا من دعوتها لوقف العمل وتعطيل الانتاج‏!‏ وإذا كان الشعب بفطنته الوطنية قد رفض المشاركة في الإضراب ــ باستثناء مخربي المحلة ــ فإن ذلك يرجع إلي حرصه علي استقرار بلاده وولائه لقيادته دون فضل عليه من الحكومة التي تتحرك دائما متأخرة أو من القوي السياسية الأخري التي أدمنت المتاجرة بمشاكله‏!‏ تلك السطور السابقة كانت الجواب ــ الذي تحفظت عليه ــ عن سؤال إبنتي الصغيرة حول إضراب الأحد الماضي الذي مر بسلام بفضل من الله وبذكاء من الشعب‏....'‏ وسلمت مصر‏'.‏

No comments: